مررو خمسون عامًا لحرب أكتوبر ولازالت الذكرة خالدة في قلوب و أذهان المصرين

.

تقرير : علا عبدالله

تعتبر حرب أكتوبر 1973 من الحروب التي سيظل يتحدث عنها التاريخ لفترة طويلة حيث كانت عمليه عسكرية متكاملة الأركان.

كما تصدر نصر اكتوبر في عناوين مختلف في وسائل الإعلام ، كما علق عليها العديد من قادة العالم على الحرب ، ونجح الأدباء فى تسجيل مراحل الحرب المختلفة ونتائجها وكواليسها.

يقول أبطال عسكريون من جيل النصر ، بمناسبة اليوبيل الذهبي لحرب أكتوبر، إن تلك الحرب فريدة من نوعها، إذ أعطت درسًا نموذجيًا يُحتذى به فى فنون الحرب والمعارك، وفي براعة التخطيط الاستراتيجي والقيادة الحكيمة واستخدمت عنصر المفاجأة، وحطمت نظرية الأمن الإسرائيلي، فانهار العدو معنويًا وعسكريًا رغم التحصينات والتسليح الأفضل، وشعر الجميع الأعداء بمزيج من الدهشة والصدمة، ليتوقف التاريخ العسكري أمام تلك الحرب، كما تنبأ الرئيس السادات حين قال في خطابه : “ولست أتجاوز إذا قلت أن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويًلا بالفحص والدرس أمام عملية يوم السادس من أكتوبر سنة 73 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياح خط بارليف المنيع وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه.. في ست ساعات”.

حيث توقف التاريخ العسكري أمام خطة تلك الحرب العظيمة، وهذا ما أكده اللواء فؤاد فيود، أحد قادة حرب أكتوبر ومستشار مدير إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، موضحًا أن العالم كان يرى مصر في هذا التوقيت غير قادرة على الحرب و القتال أمام التفوق العسكري الإسرائيلي و بعد أن فقدت جيشها ومعدتها عام 1967،كما قال “ولكننا خضنا الحرب على عكس التوقعات، وأذهلنا العالم، والنتيجة لم تكن استرداد أرضنا المحتلة فقط بل و تأمين حدودنا، ولم يجرؤ العدو على التفكير في المحاولة مرة أخرى، وجلس معنا ليتفاوض ووقع معاهدة سلام، وأدرك العالم منذ ذلك الحين أن مصر بها جيش متأهب لقطع أيدي كل من تسول له نفسه اغتصاب شبر واحد من أرضه”.

كما ذكر أيضًا أداء زملائه بالمعركة، وإصرارهم على عدم العودة إلى ديارهم قبل إعادة سيناء لمصر، ، وقامت الاحتفالات في مصر كلها وكانت تحييها أم كلثوم وعبد الحليم حافظ للمجهود الحربي، بجانب دعم الشركات المدنية للقوات المسلحة.

ثم تحدث عن الدور بالغ الأهمية للتوعية الدينية التي جعلت الجنود يتسابقون على الاستشهاد في سبيل وطنهم، قائلًا : “أتذكر شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم محمود الذي كان يحفزنا على القتال و يقول لنا: أرض مصر هى أرض التجلي الإلهي حيث اختارها الله عندما تحدَّث و تجلى لسيدنا موسى، وذُكرت بالقرآن الكريم صراحة في خمس مواضع، وذكرت بالإشارة إليها عشرات المرات في مواضع أخرى”.

كما ضربت حرب أكتوبر أروع الأمثلة في اتحاد عنصرية الأمة بالأبطال المسيحيين بالمعركة، حيث كان يلازمه طوال الحرب بجهاز اللاسلكي، و ستشهدًا بأصحاب الأداء البطولي العقيد فؤاد عزيز غالي قائد الفرقة 18 التي حررت “القنطرة شرق”، و أالمقدم المقاتل موريس عزيز غالي، واللواء المهندس باقي زكي يوسف صاحب فكرة استخدام ضغط المياه لإحداث ثغرات في خط برليف، وغيرهم الكثير من الأبطال الذين لم يتأخروا يومًا عن تلبية نداء الوطن.

حيث دعا اللواء فؤاد “شباب مصر” إلى الاقتداء ب”شباب نصر أكتوبر” الذين بذلوا بارواحهم في سبيل الوطن، و إلى العمل للحفاظ على مصر وسيادتها وسط الأمم والمساهمة في تحقيق حلم التنمية بالبلاد.

كما تحدث اللواء نصر سالم أحد أبطال الحرب،عن التوازن الاستراتيجي بين مصر وإسرائيل خلال الحرب، إذ يتضمن ثلاثة أبعاد: أولًا البعد البنائي ويتمثل في المقدرات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، ثانيًا البعد السلوكي ويقاس بالعلاقات والتحالفات، وأخيرًا البعد القيمي أي الإرادة، مفسرًا بأن البعد البنائي والسلوكي لم يكن في صالح مصر خاصة أن أكبر دولة بالعالم كانت حليفة إسرائيل وسخرت لها جسرًا جويًا لامدادها بكل ما تحتاج إليه أثناء الحرب،كما أضاف “إلا أن البعد القيمي قد حسم المعركة لصالحنا، لأن الجندي المصري ذهب إلى الحرب وأمامه خيار من الاثنين النصر أو الشهادة ، فأرضه محتلة ولابد من تحريرها بأي ثمن ، فانطلقنا و انتصرنا”.

و لولا نصر أكتوبر لما أصبحت مصر ما هي عليه اليوم، إذ تسير بخطى ثابتة في مشروعات عملاقة و التنمية المستدامة، والاحترام والتقدير من كافة دول العالم التي تجلس معنا للتفاوض على الشراكة وتحرص على دفع العلاقات الثنائية، ونتعامل معها على قدم المساواة.

حيث أكد اللواء وائل ربيع، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة، أن ما ميز حرب أكتوبر عن أي حرب أخرى عرفها التاريخ “خطة الخداع الاستراتيجي” التي وضعتها القيادة السياسية والعسكرية المصرية، والتي تُدرس منذ العام 1973 و حتى يومنا هذا في المعاهد والكليات العسكرية على مستوى العالم، كما أضاف “هذه الخطة العبقرية لم تخدع إسرائيل فقط بل خدعت القوتين العظمتين بالعالم”.

ومن العوامل الذي ميزت الحرب الأسلوب الذي استخدمة الرئيس السادات لإعادة سيناء لمصر حيث كانت الحرب ذات أهداف محددة ثم أستكمل بمفاوضات سياسية، أن الأهداف الثلاثة التي حددتها القيادة المصرية من حرب أكتوبر كانت: عبور القناة، تحطيم خط برليف و الاستناد على خط رئيسي في عمق سيناء، وعندما نجح جيش مصر في تحقيق تلك الأهداف، اتجه الرئيس السادات إلى الهدف النهائي وهو استرداد الأرض كاملة عبر المفاوضات السياسية ، وجلس منتصرًا، حيث كان أسلوب القيادة المصرية لتحقيق النصر، وخطة الحرب ذات المسار العسكري والسياسي شهد لها المفكرين العسكريين الغربيين.

كما رأى اللواء وائل ربيع أن من أهم الدروس المستفادة من حرب أكتوبر بالنسبة للأجيال الجديدة هي “المثابرة على تحقيق الهدف”، داعيًا أبناء مصر التي لم تعاصر “جيل النصر” إلى استخلاص تلك العبرة التي كانت لها أبلغ الأثر في الانتصار، منبهًا بأن الكثير من شباب اليوم يمل ويجد صعوبات في طريق الوصول لهدفه، مذكرًا بأن شباب 73 وقف أمام تحقيق هدفهم “خط برليف”، وهو أقوى خط دفاع في العالم باعتراف كل بلاد العالم، والذي قال عنه موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي “إن المصريين في حاجة إلى سلاحي المهندسين الأمريكي والسوفيتي معًا للنجاح.” ، إلا أن شباب الحرب صعد ورأى اللواء وائل ربيع أن من أهم الدروس المستفادة من حرب أكتوبر بالنسبة للأجيال الجديدة هي “المثابرة على تحقيق الهدف”، داعيًا أبناء مصر التي لم تعاصر “جيل النصر” إلى استخلاص تلك العبرة التي كانت لها أبلغ الأثر في الانتصار، منبهًا بأن الكثير من شباب اليوم يمل ويكل حال واجهته صعوبات في طريق الوصول لهدفه، مذكرًا بأن شباب 73 وقف أمام تحقيق هدفهم “خط برليف”- وهو أقوى خط دفاع في العالم باعتراف كل بلاد العالم- والذي قال عنه موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك لرئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير “إن المصريين في حاجة إلى سلاحي المهندسين الأمريكي والسوفيتي معًا للنجاح” ، و شباب الحرب صعد خط برليف المنيع بزاوية انحدار 45 درجة، وهو يحمل الأسلحة الثقيلة و قذائف ، ونجح لأنه أصر على الوصول إلى هدفه.

حيث أكد لواء طيار دكتور هشام الحلبي، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن حرب أكتوبر ليست مثل أي حرب أخرى فى التاريخ الحديث، فهي تُدرس اليوم في كبرى الأكاديميات العسكرية بالعالم، لكونها الحالة المثالية التى حققت فيها قوات مسلحة بأقل الإمكانيات أهدافهًا على قوات أخرى أعلى منها فى الإمكانيات وهى إسرائيل، موضحًا أن القوات المصرية عام 1973 لم يكن بإمكانها على الإطلاق و بمعايير العلم العسكري أن تخوض عملية هجومية وتنفذ ثلاثة اقتحامات رئيسية لثلاث خطوط دفاعية وهى قناة السويس والساتر الترابى وخط بارليف الحصين، إلا أنها نجحت بالفعل وحققت انتصارًا سجلهوا التاريخ بحروف من ذهب.

وأوضح اللواء هشام الحلبي ثلاث بطولات رئيسية قام بها أبطال قواتنا المسلحة في تلك المرحلة، الأولى إعداد جيش وفي نفس الوقت خوض “حرب الاستنزاف”، ولذلك كانت مهمة مزدوجة في غاية الصعوبة إلا أنهم نجحوا في إعداد القوات المسلحة.

وأضاف أن الانجاز الثاني الذي حققه “أبطال النصر” هو خوض حرب أكتوبر باحتراف فى التخطيط والتنفيذ، وكسر نظرية الأمن الإسرائيلية وإنشاء خطوط دفاعية، وقد أسقطت القوات المسلحة المصرية هذه النظرية في ست ساعات يوم السادس من أكتوبر. وقال “أما البطولة الثالثة، و التي يجب تسليط الضوء عليها، هي أن أبطال نصر أكتوبر نقلوا خبرتهم باحتراف وبحب شديد إلى الأجيال التي أعقبتهم، وكنت أنا ضمن هذا الجيل حيث عاصرت رجال أكتوبر عقب انتهاء الحرب مباشرة وتلقيت التدريب مع هؤلاء الأبطال”، حيث أكد على نقل الخبرات والتجارب من جيل الحرب إلى الأجيال المتتالية هو أحد أسباب تميز منظومة القوات المسلحة المصرية العظيمة.

ويجب علينا نقل “روح أكتوبر” للأجيال القادمة، ونقل تلك الفرحة التي سيطرت على مصر كلها من المدنيين والعسكريين، دولة وشعبًا، وجعلت الجميع على قلب واحد، وتعليمهم كيف استطاع أبطال أكتوبر من تحويل الهزيمة إلى نصر، و إيجاد حلول غير تقليدية لمشاكل معقده.